No items found.
December 2025
17

الحركة التقدمية الكويتية تتابع بقلق تذبذب أسعار النفط في العالم وانعكاساته السلبية على الاقتصاد الكويتي ومعيشة المواطنين والسكان... وتقترح بدائل تراعي متطلبات التنمية والعدالة الاجتماعية

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

في بلد كالكويت يعتمد اقتصاده وكذلك تعتمد ميزانية الدولة فيه بشكل شبه كامل على النفط كمورد أحادي متذبذب الأسعار، فمن الطبيعي أن نتابع بقلق حالة التذبذب الراهنة لأسعار النفط في العالم، التي تؤثر فيها  عوامل متناقضة، فبينما يؤكد خبراء الأسواق النفطية العالمية من جهة أنّ هناك تخمة جراء تدفق كميات ضخمة من النفط تبلغ ١٠٦ ملايين برميل يومياً بما يفوق مستويات الطلب الفعلي المقدّرة بنحو ١٠٤ ملايين برميل يومياً، بحيث يتوقع بعض الخبراء تراجع سعر برميل النفط إلى ٥٥ دولاراً، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة باتجاه خفض أسعار الطاقة في حال إنهاء الحرب في أوكرانيا، وكذلك جراء زيادة الانتاج الأميركي على ضوء ما ورد في وثيقة "استراتيجية الأمن الوطني للولايات المتحدة الأميركية -٢٠٢٥"بشأن الإعلان عن "إطلاق العنان لقدرة الولايات المتحدة الهائلة على إنتاج الطاقة كأولوية استراتيجية"...فإننا نلحظ من جهة أخرى التأثيرات المعاكسة نسبياً على أسعار النفط في ظل التصعيد الأميركي ضد فنزويلا.

الانعكاسات السلبية لانخفاض أسعار النفط:

إننا في الحركة التقدمية الكويتية نعبّر عن خشيتنا من الانعكاسات السلبية لتذبذب أسعار النفط، وتحديداً انخفاضها على الاقتصاد الكويتي في ظل اختلالاته المعهودة الناجمة عن اعتماده على مورد وحيد وطبيعته الريعية التابعة، والتأثيرات السلبية لها على إيرادات الدولة وميزانيتها العامة المبنية على سعر تقديري يصل إلى ٦٨ دولاراً للبرميل الواحد، وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تداعيات مثل:

١- تنامي عجز الميزانية العامة للدولة باتساع الفارق بين الإيرادات والنفقات،

٢- اشتداد تآكل الاحتياطي المالي للدولة.

٣- زيادة الميل نحو الاقتراض وتحمّل الدولة أعباء إضافية جراء خدمة الدين وفوائده.

٤- التوجّه نحو خفض النفقات الاجتماعية الضرورية وتقليص الدعوم تحت ذريعة "ترشيد الإنفاق" وزيادة أسعار الكهرباء والرسوم واستحداث رسوم جديدة والتلويح بفرض ضرائب غير عادلة إجتماعياً من شاكلة ضريبة القيمة المضافة، التي تتكرر في روشتة توصيات "صندوق النقد الدولي" المعهودة المقدمة للحكومة الكويتية.

٥- الانعكاسات السلبية الناجمة عما سبق على مستوى المعيشة العام وحياة المواطنين والسكان، خصوصاً للطبقة العاملة والفئات الشعبية من أصحاب الدخول المتدنية و"الطبقة الوسطى"، التي يتجه التفكير نحو تحميلها وحدها أعباء عجز الميزانية على نحو غير عادل، بينما نري في المقابل ما تنعم به طبقة كبار الرأسماليين والشركات الكبرى في القطاع الخاص من حماية تجاه أبسط الضرائب العادلة إجتماعياً مثل الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة والضريبة على الأرباح، التي يفترض تشريعها وتطبيقها.

البدائل:

إننا في الحركة التقدمية الكويتية إزاء ما يمكن أن تتعرّض له أسعار النفط من تذبذب وانخفاض ندعو إلى ضرورة تبني توجهات وسياسات بديلة متوازنة تتمثّل في:

أولاً: إيلاء اهتمام حكومي جدي لضرورة انتهاج توجه اقتصادي وطني بديل يستهدف بناء اقتصاد وطني منتج ومتطور ومستقل لمعالجة ما تعانيه البنية الاقتصادية الرأسمالية الريعية المشوهة والتابعة من اختلالات هيكلية عبر  تنويع مصادر الدخل والأنشطة الانتاجية، والتوسع في الصناعات النفطية وخصوصاً التكرير والبتروكيماويات، بحيث يتحوّل القطاع النفطي، وتحديداً استخراج النفط الخام وتصديره، من قطاع مهيمن ومصدر للعوائد المالية إلى قطاع منتج للثروات تتمحور حوله مجموعة صناعات.

ثانياً: ضرورة اعتماد الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للنفط وإبقائه بيد الدولة بوصفه قطاعاً استراتيجياً ورفض خصخصته، وربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وكذلك ربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج.

ثالثاً: معالجة سوء الإدارة المالية للدولة المتمثّل في التضخيم المبالغ فيه سنة بعد أخرى لمصروفات الدولة في بنود ليست أساسية ضمن الميزانيات المتعاقبة، ووقف الهدر والتنفيع ومكافحة الفساد في قطاعات الدولة ووضع ضوابط تحد من المبالغة في تسعير المناقصات والمشتريات الحكومية، وضبط الأوامر التغييرية.

رابعاً: تحمّل القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في تشغيل الشباب الكويتي وتمكينهم من الوظائف القيادية، وفرض نسب متصاعدة للإحلال الوظيفي للعمالة الوطنية في القطاع الخاص، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر دفع ضريبة على أرباح الشركات وضريبة تصاعدية على الدخول الكبيرة، مع ضرورة تحمّل هذا القطاع تبعات اختياراته الاقتصادية، وتشجيع النشاطات الانتاجية في القطاع الخاص، وتقديم التسهيلات والحوافز اللازمة ليسهم في إعادة البناء الاقتصادي وتوازنه، بدلاً من اختلاله الناجم عن غلبة الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد الساخنة كالمال والعقار.

خامساً: الحذر من الاندفاع نحو اقتراض الدولة ودفعها للوقوع في مصيدة الديون.

سادساً: عدم المساس بالمستوى العام للمعيشة والمكتسبات الشعبية والاجتماعية، وتجنّب تقليص بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية وتخفيض الدعوم المتصلة بحياة الناس وعدم استسهال فرض ضرائب غير عادلة إجتماعياً مثل ضريبة القيمة المضافة والمبالغة في زيادة الرسوم على الخدمات ورفع تسعير الكهرباء والماء والبنزين.

الكويت في ١٧ ديسمبر ٢٠٢٥