أسامة العبدالرحيم الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية: ننبّه إلى خطورة ثلاث توصيات ملغومة موجهّة للحكومة من خبراء صندوق النقد الدولي

نشر صندوق النقد الدولي بيان بعثة خبراء الصندوق عن مشاوراته السنوية في الكويت، وهو في غالبه تكرار لبيانات مماثلة صدرت في السنوات السابقة... ولسنا هنا بصدد مناقشة كل ما ورد هذا البيان من تقييم للاقتصاد الكويتي وتوصيات متعددة تتضمّن جوانب متفاوتة قد نتفق جزئياً مع بعضها، ولكن ما يعنينا بالأساس في هذا البيان هي تلك التوصيات الثلاث الملغومة، التي وجهها خبراء الصندوق إلى الحكومة الكويتية وتمس حياة الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان، حيث تمت صياغة تلك التوصيات الثلاث بعبارات ملطّفة وملتوية، بينما هي في الواقع توصيات تدس السم في الدسم ومن شأنها في حال تطبيقها أن تؤدي إلى اشتداد معاناة الطبقات الشعبية في المجتمع الكويتي من طبقة عاملة وصغار الموظفين والمتقاعدين وذوي الدخول المتدنية، بل وكذلك "الطبقة الوسطى".
ومن أبرز هذه التوصيات، التي نراها ذات آثار سلبية ضارة على حياة الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان، وندعو إلى الحذر منها وعدم الاستجابة لها، نتوقف أمام التوصيات الثلاث التالية:
١- التوصية الملغومة الأولى المتصلة باستحداث ضريبة القيمة المضافة بنسبة ٥٪، كونها ضريبة غير عادلة اجتماعياً لا تميز بشكل عام بين المستهلك الثري والفقير...مع أننا نؤيد التوصية الأخرى الواردة بالتوسع في تطبيق ضريبة دخل الشركات بنسبة ١٥٪ لتشمل الشركات المحلية، بوصفها ضريبة عادلة إجتماعياً.
٢- التوصية الملغومة الأخرى بشأن "وضع آلية لتحديد الأجور على أساس الأداء في القطاع العام بغية التخفيض التدريجي لعلاوة الأجور الكبيرة مقارنة بالقطاع الخاص، كما ينبغي وضع سقف للتعيينات بهدف خفض نسبة التوظيف في القطاع العام على نحو مطرد. وينبغي ترشيد البدلات الممنوحة للموظفين أو دمجها في الرواتب الأساسية"...فهذه التوصية لا تستهدف زيادة أجور العاملين الكويتيين في القطاع الخاص ولا زيادة أجور العمالة المقيمة، وإنما المساس برواتب وأجور المواطنين العاملين في القطاع الحكومي لتتناسب مع أجور القطاع الخاص وأجور المقيمين، أو بالأحرى لتتناسب مع مصالح أصحاب الأعمال والشركات... ما يعني خفض رواتب الموظفين الحكوميين ومعاشات المتقاعدين، التي لم تتم زيادتها منذ العام ٢٠١٢، والحدّ من البدلات المستحقة للموظفين، وسلبها كحق مكتسب...بالإضافة إلى الجانب الآخر الخطر في هذه التوصية وهو خفض أو وقف التوظيف في القطاع الحكومي لتقليص الباب الأول من الميزانية، في الوقت الذي تحارب فيه شركات القطاع الخاص العمالة الوطنية وتتعمّد تهميشها لتبقي على استغلالها الطبقي البشع للعمالة المقيمة المحرومة من حقوق الضمان الاجتماعي والحقوق النقابية.
٣- التوصية الملغومة الثالثة الداعية إلى "إلغاء دعم الطاقة بالتدريج من خلال التدرج في زيادة أسعار التجزئة للكهرباء والمياه والوقود"، التي من شأنها زيادة أسعار الكهرباء والماء والبنزين والغاز، حيث ستؤدي هذه التوصية في حال تطبيقها إلى نتيجتين سلبيتين: الأولى هي تحميل مستهلكي الطاقة مبالغ أكبر عند دفع فواتيرهم... والنتيجة السلبية الأخرى الناجمة عن الأخذ بهذه التوصية هي الآثار التضخمية المضاعفة عند رفع سعر الطاقة المتمثّلة في رفع أسعار العديد من السلع والخدمات، ما سيرهق كاهل الطبقة العاملة والفئات الشعبية وذوي الدخول المتدنية، بل حتى "الطبقة الوسطى".
الكويت في ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
