نشر صور المتهمين وأسمائهم الكاملة يتعارض مع المبادئ الحقوقية

نتابع بكل أسف ما دأبت بعض الأجهزة الأمنية على اتباعه من أسلوب مبتدع وغير مقبول اجتماعياً بنشر صور واضحة لبعض المتهمين والمتهمات في عدد من القضايا الجزائية مقرونة بالأسماء الكاملة.
ويهمنا أن نوضح أنّ هذا الأسلوب يتعارض مع مجموعة من المبادئ الحقوقية المقررة عالمياً، بل والمنصوص على بعضها في دستور البلاد:
- فالنشر السابق للإدانة بحكم قضائي نهائي وبات في القضايا الجزائية يناقض مبدأ قرينة البراءة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته"، وهو المبدأ المقرر في المادة ٣٤ من دستور البلاد، التي تنص على أنّ "المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع . ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً".
- كما أنّ نشر الصور والأسماء الكاملة قبل الإدانة بحكم قضائي نهائي وبات يعدّ تشهيراً علنياً يمس بالسمعة الشخصية للمتهم، وهو عقوبة تضاف على العقوبة الأصلية التي قد تقرر عليه في حالة الإدانة من حبس وسواه، ولا يجوز فرض عقوبة التشهير على المتهم عبر التشهير به قبل إدانته، بل أنّ النشر بعد الإدانة كإحدى صور الردع العام إنما يتحقق عبر نشر الأحكام الصادرة وليس بنشر صور المتهمين أو المتهمات، اللهم إلا في حالة الهروب ونشر الصور للمطلوب القبض عليهم.
- والأسوأ من هذا، إنّه حتى في حالة صدور الحكم بالبراءة فإنّ نشر الصور والأسماء الكاملة للمتهمين والمتهمات قبل المحاكمة لا يزيل الأضرار المعنوية النفسية والاجتماعية التي لحقت بهم، ما يحطّ من كرامتهم رغم البراءة.
ومن هنا، فإننا نطالب الأجهزة الأمنية بوضع حدّ لهذا السلوك غير المقبول، واحترام مبادئ المحاكمات العادلة وفي المقدمة منها مبدأ قرينة البراءة، ومبدأ احترام كرامة المتهم، وعدم إيذائه جسمانياً أو معنوياً، وضرورة الالتزام التام بأحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية في حالات الضبط وإلقاء القبض والتحقيق والتفتيش.
الكويت في ٦ سبتمبر ٢٠٢٥