حمد العيسى عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية: المحاذير الأربعة التي يجب الانتباه لها بشأن إعلان رئيس الوزراء عن التوقيع على مشاريع تنموية كبرى

تابعنا ونتابع في "الحركة التقدمية الكويتية" باهتمام الاجتماعات المتتالية "للجنة الوزارية لمتابعة المشاريع التنموية الكبرى"، التي يرأسها شخصياً رئيس مجلس الوزراء، وآخرها الاجتماع الرابع والثلاثون للجنة، الذي أعلن فيه رئيس مجلس الوزراء أنّه وجّه للبدء في تحديد مواعيد التوقيع على عقود تنفيذ مشاريع تنموية كبرى مشتركة مع حكومات عدة في مجالات مختلفة، منها البناء والنقل والخدمات اللوجيستية وغيرها.
وتكمن أهمية هذه المشاريع في كونها تتصل من جهة بجوانب استراتيجية انتاجية وخدمية حيوية مثل: ميناء مبارك الكبير، منظومة الطاقة الكهربائية، تطوير الطاقة المتجددة، منظومة خضراء منخفضة الكربون، إعادة تدوير النفايات، التطوير الإسكاني، البنية التحتية البيئية لمحطات الصرف، البيئة ومكافحة التصحر... كما تكمن أهميتها من جهة أخرى في كونها مشاريع كبرى سيتم التعاقد عليها بين الدولة الكويتية والدول وليس الشركات الخاصة، وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية، مع ما يفترض أن ينطوي عليه هذا التوجه من تجنّب سوءة التنفيع، وخصوصاً تنفيع الوكلاء والعمولات، التي اتسمت بها مشاريع كبرى سابقة.
ولكن انطلاقاً من التزامنا بضرورة ممارسة الرأي العام الشعبي لدوره الرقابي في ظل تعطيل الحياة النيابية، فإننا نطرح مجموعة من المحاذير والملاحظات والاعتبارات، التي نرى ضرورة الانتباه إليها تجاه المشاريع الكبرى الجديدة:
أولها: عدم الجدّيّة في استكمال تنفيذ المشاريع والتعاقدات، فكلنا نذكر الضجة الضخمة والتصريحات الحكومية، التي تحدثت في السنوات السابقة حول مشروع ما يسمى "تطوير الجزر ومدينة الحرير"، فيما كان الأمر على أرض الواقع خلاف ذلك، حيث لم تتم أي خطوات تنفيذية، بل تمّ التخلي عن ذلك المشروع بأكمله.
ثانيها: انتفاء جدوى بعض المشروعات الكبرى، ولنأخذ "جسر جابر" مثالاً صارخاً مؤسفاً على مثل هذا النوع من المشاريع الكبرى، الذي لا يتناسب ما أُنفِق عليه مع استخداماته وعائده الاقتصادي أو الخدمي.
ثالثها: مدى انعكاس تنفيذ هذه المشاريع الكبرى على مستوى تشغيل العاملين والفنيين والمهندسين الكويتيين في هذه المشاريع، وعلى مستوى اكتسابهم الخبرات العملية والمهارات الفنية من وراء تنفيذها، وهو مالم يتحقق في غالبية المشروعات الكبرى التي جرى تنفيذها نتيجة تهميش العمالة الكويتية.
رابعها: الخشية من تكرار عرقلة بعض الجهات الحكومية للمشاريع والتعاقدات، مثلما حدث في مشروع مدينة الصابرية.
وفي الختام، لابد من توضيح أنّ مقياس التنمية ليس مجرد ما يتم التعاقد عليه من مشاريع كبرى، أو ما يجري تنفيذه على أيدي شركات أجنبية أو جهات حكومية في دول شقيقة أو صديقة، وإنما مقياس التنمية هو مدى الاعتماد على الذات وما إذا كان الإنسان هو محور التنمية وهدفها، ومدى القدرة على تعبئة موارد البلاد وطاقات المجتمع، والاستناد على منهج التخطيط العلمي واستهداف معالجة ما تعانيه البنية الاقتصادية الرأسمالية الريعية المشوهة والتابعة من اختلالات هيكلية، بهدف بناء اقتصاد وطني منتج ومتطور ومستقل وموجّه على نحو اجتماعي عادل، وتحسين نوعية الحياة.
الكويت في ١٥ نوفمبر ٢٠٢٥
