يؤكد النقاش الواسع الدائر هذه الأيام حول مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية وما تضمّنه من نصوص مثيرة للجدل مدى أهمية عرض مشروعات القوانين على ذوي الاختصاص وجمعيات النفع العام ذات الصلة والرأي العام الشعبي، خصوصاً في ظل حالة تعطيل الحياة النيابية، وذلك توافقاً مع ما نصّت عليه المذكرة التفسيرية للدستور بأنّه "من وراء التنظيم الدستوري لمسؤولية الوزراء السياسية، توجد كذلك وبصفة خاصة رقابة الرأي العام، التي لا شك في أن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم".
والمؤسف أنّ الجهات الحكومية التي اقترحت تعديلات قانون الأحوال الشخصية اتجهت نحو تبني آراء فقهية محل خلاف، بل موغلة في تشددها، فعلى سبيل المثال فقد جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية (١٩/٤٤) أنّ الفقهاء اختلفوا حول وجوب خدمة الزوجة للزوج، ومع ذلك اتجّه التعديل الأخير للقانون نحو الأخذ بالآراء المتشددة في هذا الشأن وتغافل عن الآراء الفقهية المتسامحة، بل تجاهل حقيقة أنّ وجوبية الخدمة إنما هي بالأساس مسألة خلافية.
وكذلك فقد خالفت الجهات الحكومية، التي اقترحت التعديلات على قانون الأحوال الشخصية ما دعت إليه المذكرة التفسيرية للدستور عند شرحها للمادة الثانية من توجيه للمشرع نحو "استحداث أحكام من مصادر أخرى في أمور لم يضع الفقه الاسلامي حكماً لها ، أو يكون من المستحسن تطوير الأحكام في شأنها تماشيا مع ضرورات التطور الطبيعي على مر الزمن"... حيث نجد من بين هذه التعديلات الأخيرة تعديل سلبي يقضي بإلغاء "الوصية الواجبة"، التي تُعدّ من اجتهاد علماء الشريعة في العصر الحالي، وهي نصيب من التركة يستحقه فرع ولد الميت الذي مات قبل أصله أو معه، إن لم يكونوا وارثيـن، بضوابط خاصة يأخذونه وفقاً للقانون رقم ٥ لسنة ١٩٧١ الصادر بتاريخ ٤ أبريل ١٩٧١.
إننا في الحركة التقدمية الكويتية ندعو إلى:
١- التروي في تعديل القوانين السارية.
٢- ضرورة مراعاة التوجيهات الدستورية بهذا الشأن.
٣- عدم استسهال شطب ما سبق أن تحقق من تطورات ومكتسبات تشريعية قائمة.
٤-أهمية عرض مشروعات القوانين على الرأي العام الشعبي وذوي الاختصاص وجمعيات النفع العام ذات الصلة والأخذ بملاحظاتها.